الذكريات العطرية: كيف تؤثر الروائح على مشاعرنا؟

كيف تؤثر الروائح في استحضار الذكريات والعواطف ودورها في تحسين المزاج وتعزيز التجارب الحياتية

  • Uliana Makhmudbronzeبواسطة: Uliana Makhmud تاريخ النشر: الأحد، 20 يوليو 2025 زمن القراءة: 3 دقائق قراءة
الذكريات العطرية: كيف تؤثر الروائح على مشاعرنا؟

هل سبق لك أن شممت رائحة عطر معيّن لتجد نفسك فجأة تتذكر شخصًا من الماضي؟ أو مررت ببخور أو عطر قديم في زاوية ما، فأعادتك الرائحة إلى حضن جدتك، إلى سجادة دافئة وقصة من أيام الطفولة؟ وربما التقطت في أحد المطارات رائحة تعرفها جيدًا، فأعادت إليك لحظة سفر أو مشهدًا من مدينة أحببتها.

الرائحة تمتلك قدرة خارقة على استحضار ذكريات ومشاعر خُزّنت في أعماقنا دون وعي. إنها ليست مجرد إحساس حسي، بل مفتاح خفي يفتح أبواب الذاكرة والعاطفة معًا.

كيف تعمل حاسة الشم في الدماغ؟

تبدأ عملية الشم عندما تدخل جزيئات الرائحة إلى الأنف وتتفاعل مع المستقبلات الشمية الموجودة في الجزء العلوي من التجويف الأنفي. هذه المستقبلات خلايا حسية متخصصة تستشعر الروائح المختلفة. 

عند تفاعل جزيئات الرائحة مع هذه المستقبلات، تتحول إلى إشارات كهربائية تنتقل عبر الأعصاب إلى منطقة في الدماغ تُعرف بالبصلة الشمية (Olfactory Bulb).

ثم تنتقل هذه الإشارات مباشرة إلى الجهاز الحوفي (Limbic System)، وهو الجزء المسؤول عن المشاعر والذاكرة. داخل الجهاز الحوفي توجد مناطق مثل الحُصين (Hippocampus) واللوزة الدماغية (Amygdala) التي تلعب دورا أساسيا في تخزين الذكريات وربطها بالعواطف.

ما يميز حاسة الشم هو أن إشاراتها تصل إلى الجهاز الحوفي بشكل مباشر، بدون المرور أولًا بالمناطق التحليلية أو الفكرية في الدماغ، وهذا يفسر لماذا يمكن لرائحة معينة أن تثير مشاعر وذكريات فجائية وقوية أكثر من أي حاسة أخرى.

عطور

الرابط بين الروائح والذكريات العاطفية

الروائح قادرة على استحضار ذكريات قديمة ومواقف من الماضي بدقة مدهشة. ربما تثير رائحة المطر ذكرى أول يوم دراسي أو تعيدك رائحة عطر معين إلى لحظة حب قديم.

السبب في ذلك هو أن الذاكرة الشمية تتخزن بجانب الذكريات العاطفية، مما يخلق ارتباطًا قويًا يجعل الرائحة محفزًا مباشرًا للذكرى.

كيف تستخدم العطر لتعزيز ارتباطك بالأماكن التي تزورها؟

من الطرق الجميلة لتعزيز الذكريات المرتبطة بالأماكن أن يحمل الشخص معه عطراً معيناً أثناء السفر إلى بلد جديد ويستخدمه هناك بانتظام. مع مرور الوقت، يصبح لهذا العطر ارتباط خاص بالمكان الذي زاره، فعندما يشمّ هذا العطر لاحقاً في أي مكان يعيد إليه ذكريات الرحلة بكل تفاصيلها، من الأجواء، الأشخاص، وحتى المشاعر التي عاشها.

بهذه الطريقة، يتحول العطر إلى جسر يربط بين اللحظة الحاضرة والمكان الذي ترك أثراً في ذاكرته، مما يجعل التجربة أكثر ثباتاً وحيوية في ذهنه.

الروائح كمحفز للمشاعر: من السعادة إلى الحنين

الروائح لا تثير الذكريات فحسب، بل تحفز أيضًا مشاعر قوية. رائحة القهوة قد تمنحك شعورًا بالراحة والهدوء، بينما قد تثير رائحة المستشفى مشاعر التوتر أو الحزن.

هذه التأثيرات يمكن أن تكون آنية أو طويلة الأمد، وتعتمد على التجارب الشخصية لكل فرد.

الاستخدامات العملية: العلاج بالعطور (Aromatherapy)

العلاج بالعطور هو أحد المجالات التي تستفيد من العلاقة بين الروائح والمشاعر. يُستخدم هذا النوع من العلاج الزيوت العطرية لتحسين المزاج، تخفيف التوتر، أو تعزيز التركيز.

على سبيل المثال، يُعرف زيت اللافندر بتأثيره المهدئ، بينما يُستخدم زيت النعناع لتنشيط الحواس وتحفيز الانتباه. العلاج بالروائح لا يعتمد فقط على الخصائص الكيميائية، بل أيضًا على الذاكرة العاطفية المرتبطة بالرائحة.

زهور

الروائح في الحياة اليومية والتسويق

العديد من العلامات التجارية الكبرى تستغل قوة الرائحة في التسويق. تستخدم المتاجر روائح معينة لخلق جو مريح يدفع الزبائن للبقاء فترة أطول، بينما تعتمد بعض الفنادق على عطور مميزة تُزرع في ذاكرة النزلاء لتربطهم لاحقًا بتجربتهم هناك. إنها استراتيجية ذكية تعتمد على علم النفس الحسي والتأثير العاطفي للرائحة.

خاتمة

في عالم يركّز كثيرا على البصر والسمع، نميل إلى تجاهل حاسة الشم رغم أهميتها. الروائح ليست مجرد خلفية صامتة ليومنا، بل هي محفزات قوية لذاكرتنا ومشاعرنا. إذا تعلمنا أن ننتبه لما نشمه، قد نكتشف عوالم خفية من الذكريات والعواطف التي لم نكن ندرك وجودها.

تم نشر هذا المقال مسبقاً على ليالينا. لمشاهدة المقال الأصلي، انقر هنا

تابعونا على قناتنا على واتس آب لنصائح العناية بالجمال والشعر
  • المحتوى الذي تستمتع به هنا يمثل رأي المساهم وليس بالضرورة رأي الناشر. يحتفظ الناشر بالحق في عدم نشر المحتوى.

    Uliana Makhmud bronze

    الكاتب Uliana Makhmud

    طالبة في كلية الصيدلة مهتمة بعلم تأثير الأدوية و التغذية الصحية و الأمراض المزمنة الشائعة التي قد تصيب جسم الإنسان ، و مهتمة بمجال التجميل و العناية بالبشرة. أرغب بنشر الوعي الطبي و ثقافة استخدام الأدوية بشكل صحيح لإفادة أكبر عدد ممكن من الأشخاص. أتحدث اللغة الروسية ، الإنكليزية. أعمل على نشر بحثي القادم.

    image UGC

    هل لديكم شغف للكتابة وتريدون نشر محتواكم على منصة نشر معروفة؟ اضغطوا هنا وسجلوا الآن!

    انضموا إلينا مجاناً!