الكحل العربي على قائمة اليونسكو للتراث الإنساني العالمي

إدراج الكحل العربي كتراث لامادي يعكس التعاون الثقافي العربي والهوية المشتركة عبر التاريخ.

  • تاريخ النشر: منذ ساعتين زمن القراءة: 4 دقائق قراءة
الكحل العربي على قائمة اليونسكو للتراث الإنساني العالمي

في خطوة ثقافية لافتة تعكس عمق التراث العربي المشترك، أعلنت وزارة الثقافة عن إدراج الكحل العربي على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي اللامادي للإنسانية لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو). وجاء هذا التسجيل ضمن ملف عربي جماعي تقوده سوريا، بمشاركة تسع دول عربية، في تأكيد جديد على أهمية العمل الثقافي المشترك لحماية الموروثات التي تشكل جزءًا من الذاكرة الجمعية للشعوب العربية.

ويمثل هذا الإنجاز محطة مهمة في مسار صون التراث اللامادي، إذ أصبح الكحل العربي العنصر التاسع من عناصر التراث الحي السوري المسجلة دوليًا، وثاني عنصر يُدرج خلال العام الحالي بعد تسجيل البشت، الزي الرجالي التقليدي المعروف، ما يعكس زخم الجهود الثقافية المبذولة في هذا المجال.

لتعرفوا أكثر عن أسرار الجمال انضموا مجانًا إلى قناة تاجك لأسرار الجمال على الواتساب.

تقليد جمالي يتجاوز حدود الزينة

لا يُنظر إلى الكحل العربي بوصفه أداة تجميل فحسب، بل يُعد ممارسة ثقافية متجذرة في تفاصيل الحياة اليومية منذ قرون. فقد ارتبط باستخدامه بطقوس اجتماعية ودينية، وحضر في المناسبات السعيدة، وفي الحياة الأسرية، وفي الذاكرة الشعبية بوصفه رمزًا للجمال والوقار معًا.

ويمثل إدراج الكحل العربي اعترافًا دوليًا بقيمته الرمزية، إذ يعكس أسلوب حياة وثقافة متوارثة، ويجسد مفاهيم الجمال التقليدي التي شكّلت جزءًا من هوية المجتمعات العربية، وخصوصًا في بلاد الشام والجزيرة العربية وشمال إفريقيا.

ملف عربي مشترك يعكس روح التعاون الثقافي

قاد هذا الملف العربي المشترك الجانب السوري، بمشاركة كل من العراق، الأردن، ليبيا، عُمان، فلسطين، السعودية، تونس، والإمارات. وقد اعتُبر هذا التعاون نموذجًا ناجحًا للتكامل الثقافي العربي في مواجهة التحديات التي تهدد التراث اللامادي في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم.

وأوضحت الجهات المعنية بالملف أن هذا العمل المشترك لا يهدف فقط إلى التسجيل في القوائم الدولية، بل يسعى إلى تعزيز الوعي بقيمة هذا التراث، وضمان نقله إلى الأجيال القادمة بوصفه جزءًا حيًا من الهوية العربية.

الكحل العربي… هوية ثقافية جامعة

يحمل الكحل العربي دلالات تتجاوز الاستخدام الفردي، إذ يُعد عنصرًا جامعًا يوحّد ممارسات اجتماعية متشابهة في عدد من البلدان العربية، رغم اختلاف البيئات والعادات. وقد أسهم هذا التقليد في تعزيز الروابط الثقافية بين المجتمعات، ليصبح رمزًا مشتركًا يعبر عن الانتماء والذاكرة الجماعية.

كما يعكس الكحل العربي التقاء الجمال بالمعرفة الشعبية، حيث ارتبط استخدامه بمعتقدات صحية راسخة، ما منحه بعدًا وظيفيًا إلى جانب قيمته الجمالية.

فوائد صحية راسخة في الطب الشعبي

لم يكن انتشار الكحل العربي محصورًا بالزينة فقط، بل ارتبط في الوعي الشعبي بفوائد صحية عديدة، أبرزها:

  • حماية العين من العوامل البيئية كالغبار وأشعة الشمس.

  • تعزيز صحة العين وتقويتها وفق الموروث الطبي الشعبي.

  • استخدامه للأطفال والبالغين على حد سواء، خاصة في المناسبات الدينية.

وقد ساعد هذا البعد الصحي في ترسيخ مكانة الكحل العربي داخل المجتمعات، ليصبح جزءًا من العادات اليومية المتوارثة عبر الأجيال.

الكحل العربي

تزامن ثقافي يحمل دلالات رمزية

يتزامن هذا الإدراج مع مرحلة مفصلية في التاريخ السوري المعاصر، ما يمنحه بُعدًا رمزيًا إضافيًا. إذ يأتي الاعتراف الدولي بالكحل العربي في سياق انفتاح ثقافي جديد، يؤكد استعداد سوريا لتعزيز حضورها الثقافي عالميًا، وتوسيع مجالات التعاون في قطاعات التراث والفنون.

كما دعت الجهات المشرفة على الملف الدول العربية الأخرى التي تمتلك تقاليد مرتبطة بالكحل العربي إلى الانضمام للملف المشترك، بما يسهم في توسيع دائرة الحماية وتعميق الشراكة الثقافية العربية.

شهادة دولية لجهود حماية التراث الحي

يشكل تسجيل الكحل العربي إلى جانب البشت شهادة دولية جديدة على الجهود المتواصلة التي تُبذل لحماية التراث اللامادي، والتنبيه إلى أهمية صونه في مواجهة التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية التي تهدد باندثار الكثير من الممارسات التقليدية.

وقد تم الإشادة بالدور الذي تلعبه منظمة اليونسكو، إلى جانب دعم المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو)، في تمكين الملفات العربية المشتركة من الوصول إلى العالمية.

تراث سوري غني على قوائم اليونسكو

يُضاف الكحل العربي إلى قائمة غنية من العناصر السورية المسجلة لدى اليونسكو، من بينها: صابون الغار الحلبي، الزجاج المنفوخ يدويًا، القدود الحلبية، صناعة العود والعزف عليه، الوردة الشامية، خيال الظل (كراكوز وعواظ)، والصقارة. وتعكس هذه العناصر تنوع التراث السوري وثراءه، وتؤكد أن الحفاظ عليه ليس مجرد واجب ثقافي، بل مسؤولية إنسانية مشتركة.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لنصائح العناية بالجمال والشعر